تقديم للمجموعة
القصصية القصيرة جداً (أصل و100 صورة)
بقلم أ/عبد
الرحمن البجاوي
عضو اتحاد كتّاب مصر
يقال: إن الكتاب يُقرأ من عنوانه، وما أكثر الكتب التي تصدر
مؤكدة هذا المعنى ،ومنها مالايطابق المضمون فيحاول القارئ أن يتفحصها ويكشف ما
فيها من تكنيك أو تكرار ويتبين حروفها وقلما يجد بغيته ،وهذه المجموعة التي بين
يدَي القاريء تؤكد لنا صدق العنوان وتشد القاريء الذي يحاول أن يتفحصها ومدى مافيها من قدرة إبداعية تواكب عصر
(الفمتو ثانية) ومتابعة الشبكة العنكبوتية التي تخطف القاريء وخاصة الشباب الذي
يهيم بكل جديد.
وقد شدني القاص المبدع والأديب الفنان الذي يغوص في بحار
الكلمة الشاعرية المعبرة بلغة صادقة تكشف ما وراءها من رمز وتدعو القاريء أن يدلي
بدلوه في مجموعة تحمل عنوانا يكشف ما تحته وهو(أصل ومائة صورة) وتعد إضافة جديدة
لرحلة الإبداع الفكري لدى الشاعر والقاص والصحفي والمثقف الواعي الأستاذ (مجدي
شلبي) الذي أثرى المكتبة العربية بما قدم من مؤلفات تصل إلى عشرة منها المجموعة
القصصية (حمرة خجل)، والمقامات الساخرة (لهذا وجب التنويه) ومقالات (الرقص على سلم
الصحافة) و(كلمة في سرك) و (زواج على صفيح ساخن) وفي الشعر نقرأ(من مذكرات زوج
مخلوع) و(رباعيات مجدي شلبي).
والأصل في هذه المجموعة هو الأديب المتعدد الذي يرصد ما حوله
بعدسة الخبير الذي يرسم صورة للمفارقات التي نجدها عند من "يقولون مالا
يفعلون" وهو يكشف لنا المخالفات التي تطل برأسها حيثما يتجول المشاهد في
القرى والمدن وزاد وقعها بعد ثورة يناير2011 . وعندما نتفحص العناوين المائة نجد
ما جاء بصيغة المصدر الثلاثي مثل: عبث- فتنة- دهشة- غرق – مزج- جحود – زيف- عزلة –
براءة - حيرة- فراق- شقاء –صلابة ،ومنها
ما جاء من مصدر الرباعي مثل : إحسان – مخالفة – إجرام- إدراك- تهديد ، وماجاء من
الخماسي مثل:اعتراف - تطهر- تحضر- تنازل- تحدي- تضحية -، وما جاء من مصدر السداسي
مثل: استدعاء- استعجال-استشجاع- وغيرها . واختيار المصدر بهذا الشكل يؤكد أن زيادة
المبنى تدل على زيادة المعنى وأن المصدر لازمن له فهو متسع للحاضر والماضي
والمستقبل وما جاء من أسماء للفاعل من الثلاثي :كاتب - صائم- وغير الثلاثي : موظف-
متشاعر، وتدل هذه الصيغة على من فعل الشيء، ونجد صيغة اسم المفعول :مبطون – مسئول -
مخمور- مغمور ، وهي تدل على من يقع عليه الفعل و وردت صيغة المبالغة التي تعني
الكثرة والتكرار مثل: حمّال ، وحتى الجمع الدال على الكثرة بصيغة التكسيرمثل: كراسي-
شوارب- حوادث ،وأغلب العناوين ورد من كلمة واحدة مفردة وقد جاء بعضها من كلمة
مضافة مثل: فرصة عمل – كيد النساء - أو كلمة موصوفة مثل: رغبة فطرية - معركة
غرامية - الحمال الصغير ، ومن المعطوف نجد: دنيا ودين- المخمور ورعيته - وهذا
التنوع في العناوين يدل على قدرة المبدع في التعبير عما يحس به ومواكبة التطور في
الدلالة على المدلول وتوظيف اللغة توظيفا
شاعريا دراميا يكشف الحدث . وقد وردت قصص قصيرة جدا من كلمات على أصابع اليد
الواحدة أو اليدين ؛مما يبين ما يعرف في
عالم الأدب ب(الإبيجراما) التي تعني قصيدة
قصيرة جدا مختتمة بفكرة ساخرة أو معبرة عن
التناقض، وربما نجد عنوانين متقاربين : اختلاف/ مخالفة، استعجال/ عجلة،
وكلاهما يدلان عل تقارب المضمون للأقصوصة ،ونقرأ: "جلس العريس منتظرا قدوم
العروس،تأخرت قليلا، فغادرالبيت عازما ألا يعود " فهل هذا عجلة أم
استعجال؟، ونقرأ في الاستعجال مايعني السخرية من الذي يؤدي عمل السنة في شهر ويظل
طول العام نائما لايبالي بالوقت الذي يعد كالسيف إن لم تقطعه قطعك وهو من الذهب
عند من يقدرون قيمة الوقت ولايهدرونه فيما لايفيد . وتتجلى السخرية من الحمّال
الصغير الذي يعاني من الأحمال المتراكمة مطلع حياته فينشأ على كراهية التعليم نظرا
لما ينوء به من الأثقال في عالم أضحى فيه (اللاب
توب) رفيقا للصغير بدلا من الحقيبة الرهيبة ، ومع الموظف نقرأ بانبهار "تسلم
راتبه، وزعه كالمعتاد على جيوب اللصوص" فهذه عملية إسقاط وسخرية معا حيث غلاء
الأسعار وجشع التجار وهذا الراتب "لا يسمن ولا يغني من جوع". ومع
انعكاسات ثورة يناير على الوجدان الشعبي لجميع المواطنين تطالعنا (الكراسي) التي التصق بها أصحاب الحزب
المنحل، وكيف كان اختيار حزب السلف أملا في القدوة الحسنى والجلوس على الأرض.
تحية لهذه السياحة الفكرية عند الأديب ا/ مجدي شلبي الذي أمتعنا
بهذا العطاء الذي تفتحه متشوقا فلا تلبث أن تأتي عليه في وجبة شعرية ساخرة مفعمة
بشذا الفن الكاريكاتوري، ومزيدا من الإبداع في محراب الكلمة الهادفة.
ا/ عبد الرحمن البجاوي
عضو اتحاد كتاب مصر نوفمبر2012